كيف نحمي أبنائنا من عبثية الألفاظ ؟؟ .. الجزء الثاني والأخير

أخطاء يقع فيها الوالدان

http://swefonline.com/userfiles/image/bar_waldayn.jpg

أضاف حسونة هناك بعض الأخطاء التي يقوم بها بعض الآباء تساهم في  تعزيز هذا السلوك لدى الأطفال ،فمثلا عندما يخطئ الطفل يقوم الوالد بشتمه ،فيكتسبها الطفل و يعيدها لأخيه و عندما يكررها الطفل يعاقب ، فيعتبر الكبار أن من حقهم شتم أبنائهم و لكن ليس من حق أبنائهم التلفظ بنفس اللفظ على إخوانهم ،فكيف لي هنا أن أعاقب الطفل على شيء أنا علمته إياه ، فيدخل الطفل في حالة عراك فكري "لماذا يقول لي أبي عيب و كان قد تكلم بها هل هو مقبول عند أبي و غير مقبول عندي "؟ وكما للآباء دور فعلى الأمهات يقع الدور الأكثر خصوصا المرأة العاملة

وعن تأثير تغيب الأم عن المنزل -الأم العاملة- على أبنائها و مساهمته في تعزيز هذا السلوك لديهم قال حسونة تغيب الأم عن المنزل له تأثير نوعا ما لأن نسبة المتابعة تكون محدودة جدا و الطفل بحاجة إلى متابعة لأنه يكتسب و يتعلم في الطفولة المبكرة بشكل سريع و هذا الاكتساب السريع يحتاج إلى متابعة سريعة لتعديل ما يتعلمه الأطفال من أخطاء و تعديل سلوكهم لذلك فعلى المرأة  العاملة مضاعفة جهودها لمحاولة تضييق الهوة أو الفراغ الذي يحصل أثناء ذهابها  العمل وتغيبها من المنزل  .

أثناء استطلاعنا لآراء بعض الأمهات وجدنا بين جنابتهم بعض المشاكل التي يريدون حلها وكان من بينها ، إحدى النساء العاملات تترك أبنائها عند أقارب لهم وعندما يذهبوا إلى المنزل يبدؤوا بوابل من الشتائم يكيلونها على بعضهم البعض ورغم ضربها لهم تارة و محاولتها تهدئتهم تارة أخرى بالكلام الحسن و ترغيبها لهم بتوفيرها الألعاب التي يحبونها دون جدوى فحملنا هذا الأمر إلى الدكتور حسونة الذي قال إذا عرف السبب بطل العجب ،البيئة التي يعيشها الأطفال مهمة جدا فلا يجب أن أعدل سلوك الطفل و ما زالت البيئة خاطئة مضيفا يجب أن نكون منطقيين فنحن لا نعدل سلوك الطفل و البيئة ما زالت خطأ فيجب أن تخضع البيئة لجلسة علاجية إرشادية سواء الأسرة أو من يكون حولهم .

 فيما بعد تأتي المرحلة تعديل السلوك أو زيادة السلوك المرغوب عند الطفل و تقليل السلوك غير المرغوب فيه وهو في هذه القضية الألفاظ البذيئة .

ومرحلة تعديل السلوك تحتاج إلى أساليب متعددة عددها حسونة قائلا أسلوب التعزيز بأكثر من طريقة و شكل فعندما يتلفظ الطفل بألفاظ صحيحة و سوية يفترض أن يثاب الطفل عليها وإشعاره انه فعل الصواب ،شريطة أن تكون الإثابة محببة  بالنسبة له من خلال سؤاله ماذا يريد حتى تكون مجدية و فعالة .وإما في حالة الخطأ كأن  يتلفظ الطفل بألفاظ غير لائقة يجب أن يعاقب و ليس معنى العقاب هنا العقاب الجسدي بالضرب إنما العقاب الإيجابي مثلا طفل ما قبل المدرسة يحب الصور المتحركة spasetoon فعندما يشتم الطفل تمنعه والدته من مشاهدتها ،و هذه النوعية من العقاب ليس لها آثار سلبية على شخصية الطفل و في نفس الوقت تؤتي ثمارها .

وتابع في استنكار ما يحدث في تربيتنا أنه عندما يتصرف الطفل بسلوك سوي و صحيح أو يتلفظ بألفاظ صحيحة لا أحد يلتفت إليه أو يعطيه مكافأة أو تعزيز و لكن عندما يخطئ يعاقبه الجميع ، فإذا ركزنا على النواحي السلبية فقط دون مراعاة النواحي الإيجابية يكون لها انعكاسا سلبيا على شخصية الطفل فيجب التركيز على الناحيتين و التوازن بين الثواب و العقاب .

وفيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأطفال  أوضح أن الكيفية تعتمد على الهدف من الشتيمة فبعض الأطفال يتلفظوا ببعض الكلمات السيئة فقط لجلب انتباه الأب أو الأم ،و في هذه الحالة التجاهل هو الحل الفعال لأنني لو نظرت إليه أو قلت له مثلا"عيب"يكون الطفل قد حصل على  ما يريد وهو جلب الانتباه،و بالتالي يكررها مرات متعددة لأنه نجح فيما يريد  .

وتابع قائلا و لكن إذا شعرنا أن هذه الألفاظ لا تهدف إلى جذب الانتباه مثلا يشتم أخيه الأكبر منه عندما يزعجه،هنا يكون الطفل غير قادر على ممارسة طريقة سوية لحل مشاكله أو الدفاع عن نفسه و هنا دور الوالدين هو تعليم الطفل كيفية الدفاع عن نفسه بطريقة إيجابية لذلك هنا يجب إعطاء الانتباه للطفل و أن تقول له مثلا "بدلا من شتمه قل لوالدك و هو يعاقبه ولا يقف الأمر عند حد الشتم فقط بل يتعداه إلى التعدي على الذات الإلهية والتي يكررها الطفل دون معرفة دلالتها فقط لأته سمعها وفي هذا الأمر " .

الأطفال و سب الذات الإلهية

 أوضح حسونة أن سب الذات الإلهية هو قمة الكفر و لكن في حال حدوثها مع الأطفال فإن الأمر مختلف لأن الطفل الصغير لا يفهم مدلولها بعد, لأنه في مرحلة الطفولة لم يصل إلى الفكر المجرد كي يفقهها كما الشخص الكبير فتكون فقط من قبيل التقليد للكبار ,لذلك لابد أن نتعامل معها بحرص لأنني كشخص بالغ عندما أسمع سب الذات الإلهية من طفل أربع سنوات أحللها من منطقي أنا كشخص كبير _لكن المفهوم الذي لدي أنا و هو أن ما قام به الطفل خطأ جسيم ليس هو نفس المفهوم الذي لدى الطفل الصغير الذي يتعامل معها كأي شتيمة أخرى ،لذا  يجب التعامل مع هذا الأمر بحذر و عم استخدام العنف مع الطفل حتى لا يرتبط العقاب الشديد، بسب الذات الإلهية حتى لا يكون لذلك تبعات سلبية في المستقبل على مستوى إيمان هذا الشخص ، لأنه إذا أصبح هناك ارتباط ما بين إحساس الفرد بالألم و سب الذات الإلهية يمكن أن تزيد هذه العقدة عند الفرد حينما يكبر و بالتالي تقلل من المستوى الإيماني لديه .

و تابع حسونة للخروج من هذا المأزق يجب النزول إلى مستوى تفكير الطفل و تقريب الصورة إلى ذهنه من خلال التشبيه ليس بغرض التشبيه و لكن من منطلق تصغير المفاهيم على حجم مدركات الطفل –تصغير المعنى بطريقة يدركها الطفل-و لابد من استخدام وجود الثواب و العقاب و هنا لابد أن يكون الثواب و العقاب بعد الإدراك الفهم  ليكون له معنى لأنه يصبح لدى الطفل ربط فكري صغير على مستواه و دوري هنا أن أ؟دعم أو أكافئ هذا الربط في حالة عدم الشتم أو العقاب بطريقة سوية في حالة الشتم ،استخدام درجة قاسية من العقاب مثلا الحرمان مدة أسبوع من المصروف و بعد يومين أو ثلاثة إذا لوحظ أنه امتنع عن سب الذات الإلهية أعزز هذا الأمر لديه و أكافئه و لا أهمشه لأنه يجب التوازن بين الثواب و العقاب .

ومن الأمور التي نشاهدها و نعهدها أن الأب يعاقب و الأم تراضي لمعرفة مدى صحة هذا السلوك على الطفل سألنا د.حسونة فقال هذا أمر خاطئ لأنه يجب أن يكون هناك وحدة في الأسلوب المتبع بين الوالدين ، لو ضرب الطفل من الأب ، لابد أن تعبر الأم عن استيائها من الطفل نحو هذا الشيء لكن بطريقة أخرى وبأسلوب أقل حدة ،و إلا فإن الطفل سيقع في حيرة من الشخص الصواب الأب أم الأم.
  
وكما كان لعلم النفس رأي فإن لعلم الاجتماع وقفة في هذا الموضوع حيث أرجع د. إبراهيم حمد –أستاذ مشارك في علم الاجتماع بجامعة الأزهر سبب استخدام الأطفال للألفاظ غير اللائقة إلى عدة عوامل أهمها التنشئة الاجتماعية و المتمثلة بدور الأسرة و المحيط الجواري و الأقاربي للطفل .

أما عن دور الأسرة فأوضح د. حمد أن الطفل عبارة عن معدن من ذهب و كل ما يراه أو يسمعه يقوله و يقلده فالبيئة المحيطة بالطفل و المتمثلة بالأسرة لها دور أساسي في صقل شخصية الطفل فإذا كانت علاقة الوالدين في البيت متوترة يسودها نظام الشتائم المتبادلة يستقطبها الطفل دون معرفة معانيها و مدلولاتها فيكررها أثناء وجوده في المنزل و تكون ردة فعل بعض الآباء الضحك أو التساهل مع الطفل و هذا ينعكس سلبا على الطفل فيعتبرها أمر محبب و يكررها فيشتم والديه أو أصدقائه في الروضة .

وأما في المحيط الجواري للطفل أو أصدقائه فأثناء تفاعل الطفل معهم قد يسمع بعض الألفاظ و يكررها معهم أو مع إخوانه في البيت ، و هذا ينطبق على الأطفال في مرحلة رياض الأطفال .

وما بعد هذه المرحلة يوضح د. حمد أن رفقاء السوء في المدرسة في المراحل الابتدائية و الإعدادية و الثانوية - على اعتبار أن سن الطفولة من سن 1- 18- لهم دور كبير في التأثير على الشخص و ألفاظه و سلوكه حيث تسود المجتمع الفلسطيني ثقافة العنف و من ضمنها الشتائم نتيجة للظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية .

وأوضح حمد أن سلوك الطفل العدواني سواء اللفظي أو الجسدي له أسبقيات تراكمية عديدة منها البيئة المحيطة و تعامله مع العالم الخارجي الأمر الذي يساهم في اكتساب هذا السلوك  العدواني –وهو سلوك منبوذ خارج عن طبيعة الطفل، و مكتسب نتيجة التعامل  غير السليم معه فيصبح لديه طاقة تفريغ سلبية بإيذاء الشخص الآخر بهدف تحقيق رغبته في السيطرة و إثبات النفس،و هنا تكمن المشكلة .

و تابع قائلا الأهالي يتألمون حينما يصل أطفالهم لهذه المرحلة و يقولون نحن نحب أطفالنا كثيرا و نحرص عليهم و لكن لا نعرف من أين يأتون بهذه الألفاظ و السبب الأساسي هو إهمال الآباء لأبنائهم و عدم إتباع أساليب التربية السليمة، فيجب علينا متابعة أطفالنا في كل شيء و إذا كان لديهم مثل هذا السلوك عليهم التوجه لذوي الاختصاص دون خجل - لأن حياة الطفل هي الأهم - و متابعتها للتخلص من ذلك و إتباع عملية التفريغ النفسي لديهم و سماعهم للتنفيس عن آرائهم و الإجابة على أسئلتهم .

و تابع حمد أن سلوكيات الطفل العدوانية اللفظية أو الجسدية لدى الطفل متعددة تحتاج إلى جلسات خاصة مع أهل الطفل لمعرفتها موجها بعض  الاقتراحات لمساعدة الطفل و معالجته ، منها دعم التصرفات الإيجابية لديه و عدم التركيز على السلبيات و تفهم مشاعره و الحديث معه بحب و دفء لإكسابهم الثقة و الأمان لبناء علاقة قوية تساعد الطفل على الإفصاح عما في داخله حيث أن معرفة الأسباب الحقيقية للمشكلة تساهم بشكل كبير في علاجها.

تعليقات

  1. شكرا على المعلومات القيمه رااااااااائعه جدا جزاكم الله خيرا

    ردحذف

إرسال تعليق