كيف نحمي أبنائنا من عبثية الألفاظ ؟؟ .. الجزء الأول

كيف نحمي أبنائنا من عبثية الألفاظ ؟؟

الآباء: نحاول حماية أبناءنا والشارع يودي بها أدراج الرياح

الأخصائيون: الأسرة هي أساس التنشئة السليمة



بينما أسير في طريقي إلى العمل فإذا بمجموعات من الأطفال مصطفة على الجانبين ،ربما التقى بعضهم بتخطيط مسبق ،وربما من غير ميعاد فلا عجب في ذلك  ، إنما العجب ما تراه حينما يثور احدهم على الآخر فيكيلون الشتائم كيلا ، ويتراشقون بألفاظ لو اجتمع علماء اللغة العربية لمعرفتها لما وجدوا لها تفسيرا ،ولو بحثوا في معاجم اللغة العربية لما وجدوا لها أصولا، فما أكثر ما يعانيه الآباء و الأمهات من استخدام أبنائهم للألفاظ البذيئة و الكلمات القبيحة ،و يحاولون علاجها بشتى الطرق ،وكما أن لكل داء دواء فإن معرفة الأسباب الكامنة وراء الداء تمثل نصف الدواء.

تجولت السعادة لاستطلاع آراء الآباء و الأمهات  والتقت بإحدى الأمهات –أم عمر – للحديث معها في هذا الموضوع و التي قالت الأطفال يسمعون هذه الألفاظ من الشارع و يلتقطونها دون معرفة معناها و أنا عادة أفهم الطفل أولا أن هذا أمر غير لائق و ليس من الآداب الإسلامية التي تعلمناها و أخوفه من عواقب استخدامه لمثل هذه الألفاظ ،و تابعت حينما أعجز و أجد أن الهدوء و الكلام الحسن غير مجدِ أعاقبه باستخدام الحرمان النفسي مثلا أمنعه من المصروف  أو من زيارة أقارب لنا يحب زيارتهم ،أو الخروج مع أصدقائه ،و آخر وسيلة ألجأ إليها الضرب ،لأن الحرمان النفسي يؤتي بثماره أكثر من الضرب بالنسبة لي في تعاملي مع أبنائي ، وكما ألجأ إلى أسلوب العقاب ألجأ إلى الثواب أيضا فعندما أراه مؤدب و لا يشتم أحد و ألاحظ تحسن في سلوكه أرفع عنه العقاب و أكافئه بزيادة مصروفه أو بالخروج في نزهة .

و كما للأمهات  آراء فللآباء  وجهات نظر التقينا أبو عماد اللدعة الذي قال أنا ربيت أبنائي تربية حسنة منذ صغرهم و لا نعرف في بيتنا لغة الشتائم و لو سمعت أحدا من أبنائي يتلفظ بألفاظ غير لائقة أعاقبه عقابا شديدا و لا أتساهل معه في هذا الأمر و الحمد لله الآن أرى ثمرة تعبي فجميع أبنائي عرفوا بأخلاقهم الرفيعة ،و قال اللدعة باستنكار أعجب ممن يجد غياب أحد الوالدين عن المنزل  مبررا لاستخدام الألفاظ غير اللائقة فأنا كنت أسافر كثيرا و أعود إلى البيت و أبنائي كما هم لم يتغير عليهم شيئا لأن التربية و التنشئة الصحيحة هي الأساس و إذا كان عند الأهل تقوى و إيمان فيتشربها منهم أبنائهم و يسيرون على نفس النهج ،حتى و إن سمعوا هذه الألفاظ من الشارع فأخلاقهم و مبادئهم تحصنهم من تكرارها و أوجه نصيحة للآباء و الأمهات بضرورة الاهتمام بأبنائهم لأنهم أمانة في عنقهم و يحاسبون عليها يوم الدين ،فيجب تنشئتهم  تنشئة حسنة لأن الطفل إذا تعود على الشتم سيشتم والده غدا لأنه تعود على هذا الأمر فلا يميز بعد ذلك.

أما تيسير غانم فقال أنا لست شديدا مع أبنائي و لا أحب الضرب و إذا استخدم احدهم هذه الألفاظ في البداية أكون هادئ معهم و أفهمه أن هذا أمر غير لائق و يجب تجنبه و وإذا أخطئ مرة لا أعاقبه و لكن لكل شيء حد فإذا تمادى أعاقبه بالضرب و لا أحب استخدام العقاب النفسي .

و أم وجدي البايض عبرت عن أسلوبها قائلة في البداية أستخدم معه الأسلوب الهادئ  أو أهدده بأن أقول لوالده دون أن أضربه ولكن إذا تمادى في الأمر فلا أجد بدا غير الضرب و هو الأسلوب الأنجع بالنسبة لي لأنه لا ينفع أسلوب الحرمان من المصروف أو غير ذلك ، فأضطر إلى ضربهم إذا استدعى الأمر ذلك و لكن أبنائي  لا يتلفظوا بالشتائم في البيت قد يستخدمونها في الشارع أو مع أبناء عمهم .  

بينما عبر آخر عن تذمره المستمر نحو سلوكيات ابنه اللفظية مع أخوانه رغم محاولاته الحثيثة و المضنية لحل هذا الأمر و منعه من التلفظ بها بسبب خروجه المستمر إلى الشارع و اللعب و اكتساب الكلام الغريب ،وقال أحيانا كثيرة أشعر أنني لا أستطيع السيطرة عليه فأستثير غضبا و ألجأ إلى ضربه بعنف لأنني عجزت كيف أتعامل معه ،رغم أنني أستخدم معه أساليب الثواب المختلفة فأزيد مصروفه الشخصي و لكنه تدلل كثيرا و أنا الآن أدفع ثمن دلاله.

وأما أم علي فتقول عجزت أي أسلوب استخدم مع أبنائي بسبب هذا الأمر رغم أنني أضربهم كثيرا  و أحيانا كثيرة يسببوا لي إحراج عندما أذهب لزيارة أحد ،و في أوقات عديدة أحاول مراضاتهم وتلبية ما يريدون تفاديا لشتائمهم لكنهم تعودوا على ذلك و أصبحوا يستخدموا هذا الأسلوب فقط لينالوا ما يريدون ،احترت ماذا أفعل معهم .

وكان لعبد الله خليل -موظف- رأي آخر فقال على صعيدي الشخصي عودت أبنائي في البيت أن لفظ "ولك" كلمة لا يجب استخدامها و أبنائي يعتبرونها "عيب" ، فلا يوجد مشكلة في التنشئة الأسرية لأنه من السهل السيطرة عليهم داخل البيت و بلكنة المستنكر تابع المشكلة في المجتمع الذي نعيش فيه ، فالأخلاق ليست واحدة عند الجميع  و نحتاج إلى سواتر منيعة لحماية أبنائنا من ضبابيات المجتمع ،و تابع أسلوبي في التعامل مع أبنائي يعتمد على حالتي النفسية فعندما أكون منزعج من أمر ما استخدم الضرب إذا سمعتهم يشتمون ،أما إذا كنت هادئ أكلمه بهدوء و روية و إذا شعرت أن الهدوء يؤتي بثماره فألجأ غليه و قد ألجا إلى أساليب أخرى كالحرمان من المصروف و إذا وجدت هذا الأسلوب غير مجد و لا يهتم للمادة أمنعه من مقابلة أصدقائه.

في سؤالنا حول أسباب استخدام الأطفال للألفاظ البذيئة

أوضح د حسونة رئيس قسم علم النفس في جامعة الأزهر أن للأطفال قابلية للتعلم بشكل كبير خاصة في الطفولة المبكرة ، فالطفل يتعلم و يكتسب من البيئة المحيطة به و المقصود بالبيئة هنا في مرحلة الطفولة المبكرة هي الأسرة و الطفولة المتأخرة والأسرة و المدرسة معا ،وبالتالي من الممكن أن يتعلم الطفل هذه الألفاظ من خلال الأسرة  عندما يستخدم الوالدين هذه الكلمات و المعروف أنهم هم النموذج الأساس للطفل أو حتى الأخ الأكبر ،فيحاول الطفل إما تقليدها أو استخدامها لحل مشاكله الخاصة –لاعتبار أنه يكون قد وصل للطفل مفهوم أن هذه الألفاظ البذيئة قد تحل له مشكلة مثلا حينما يتعارك مع أخيه الأكبر فيلجأ إلى استخدامها .

و تابع قائلا  فالنموذج الموجود هو الأساس سواء في تعلم الطفل هذا الشيء أو علاجه بمعنى أنه إذا تداول الوالدان أو أفراد الأسرة بشكل عام هذه الألفاظ فإن الطفل سيتعلمها لمعالجة هذا الأمر لابد في البداية من خضوع الأسرة لنواحي إرشادية يفهموا من خلالها أن الطفل متلقي و يقلد كل ما يراه أو يسمعه و هذا ما ينطبق على الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ،و أما الأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة  تابع حسونة أنهم يكتسبوا الألفاظ من بيئة اجتماعية أوسع-ولا يعني ذلك أن دور الأسرة انتفى – و لكنها لم تعد قاصرة عليها فقط بل تمتد لتشمل الأصدقاء و الجيران و الأفراد المحيطين بالطفل ، و لكن يبقى الدور الأساسي هو الأسرة .

تعليقات