هل وضعت خطة لحياتك؟ الجزء الثاني


أريد أن أكون دكتور داعية

نموذج آخر تركنا له المجال للتعبير عن نفسه، الدكتور الداعية الحافظ لكتاب الله، الطفل معاذ منير الحروب ابن الاثنى عشر ربيعاً من دورا الخليل، هكذا أراد لنفسه أن يكون، فوضع تلك العبارة في ورقة فوق سريره، لتكون نصب عينيه، فرسم خطاه وصوبها اتجاه هدفه الذي يسعي لتحقيقه، حيث التحق بالمخيم القرآني الذي أقيم في غزة و كان يتواصل مع محفظه من خلال الهاتف النقال، فأتم حفظ القرآن، و حقق أول هدف رسمه لحياته، و لم ينسَ باقي أحلامه التي يسعى للوصول لها ليراه والده المطارد منير الحروب في أجمل صورة يفخر بها كل والد، حيث يصقل شخصيته بالجانب الدعوي من خلال قراءة الكتب الدينية، مثل سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم، و رجال حول الرسول، مواقف في حياة الصحابة، ورياض الصالحين، فيجلس مع إخوته ووالدته في جلسة إيمانية، ويختار من رياض الصالحين حديث وموعظة، و يدلي بها لهم، بأساليب متعددة، لتقوية أسلوبه الخطابي، كما أنه لا ينسى نصيب الثقافة العامة من التطوير، حيث أنهى قراءة كتاب 100 سؤال وجواب، ويبحث عن الكتب الثقافية المتنوعة التي يستزيد منها.



مخترعة و حافظة لكتاب الله

وتشاركنا الحديث أريج الحروب ابنة الإحدى عشر ربيعاً والتي لم تختلف مع أخيها، حيث رسمت لنفسها أن تكون، الداعية والحافظة لكتاب الله و المخترعة، و كما تقول أريج:" أريد أن أخترع شيء يخدم الإسلام و المسلمين، فيجب على المسلم أن يقدم نفسه بهذا التقديم المشرف الذي ينال به الفرد رضا الله و يخدم به دينه ووطنه"، أريج وضعت خطة عامة لتكون داعية وحافظة لكتاب الله و مخترعة، كما أنها وضعت خطتها اليومية فتقسم وقتها بين الدراسة وحفظ القرآن و قراءة مقتطفات من كتب متنوعة مثل "رياض الصالحين، و إحياء علوم الدين، و قصص الأنبياء"، بالإضافة إلى الكتب الثقافية، كما يجمع أسرتهم جلسة موعظة لتكون ساعة مشتركة من الجميع.

بعد هذا الحديث مع معاذ و أريج كان لنا لقاء مع والدتهم التي بادرتنا بالقول من أراد أن يكون ناجحا و قياديا و نموذجا جيدا عليه بعمل خطة له، فيقسمها على باب دعوي، وثقافي و نفسي و اجتماعي، لتكون حياته منظمة بعيدة عن العشوائية، و قد نجحت بفضل الله في غرس هذا المفهوم في أبنائي منذ صغرهم، أصبح لكل واحد منهم خطته المستقلة التي يسعى لتحقيقها ، بل وهناك تنافس فيما بينهم من سيسبق الآخر سواء في حفظ القرآن، أو في قراءة الكتب.

التنظيم كلمة سهلة لكنها صعبة في تنفيذها خصوصا لمن اعتاد على العشوائية، سألتها مدونة الأسرة المسلمة عن السبب التي جعلها تخطو هذا المنهج مع أبنائها، فقالت:"شعوري أن العشوائية لعبت دورا سلبيا في واقع الأمة بشكل عام ، و المعروف أن العظماء يمتازوا بالتخطيط و التنظيم، و قدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نستنبط منهج التخطيط من سيرته في وضعه للأولويات، رضا الله عز وجل و الوالدين، و الجهاد، و الناظر للواقع يشعر بأهمية التنظيم الذي يقود إلى النجاح.

أم معاذ  الحروب زوجة المطارد منير الحروب، توجه نصيحتها للأمهات بضرورة الاهتمام بأبنائهم و تربيتهم التربية السليمة، لأنهم رجال و أمهات المستقبل الذي يقوم عليهم، و تدعوهم إلى تضافر جهودهم مع أبنائهم، فتجعل الأم ابنها يضع خطة لنفسه، بيده، و تعدل عليها بوجوده، لأن الطفل يضع خطته بمنظوره العقلي الصغير و الذي يحتاج إلى تعديل من الأهل، و تقول لا باس إذا لم يلتزم الطفل بالخطة بكاملها و لكن عليه أن يسعى لتحقيق الجزء الأكبر منها، مع استخدام الأهل لأسلوب الثواب والعقاب وكلٌّ في وقته.


لماذا لا نخطط لحياتنا؟

من خلال استطلاع مدونة الأسرة المسلمة نجد ان هناك الكثيرين ممن لا يخططون لحياتهم، واقع نعايشه، ونرى نتائجه على أرض الواقع، شويخ أرجع تهاون كثير من الناس في التخطيط وعدم اللجوء إليه إلى عدة عوامل أهمها الافتقار إلى الثقة بالنفس وعدم المعرفة بالتخطيط ، والاعتقاد أن التخطيط هو شئ خاص برجال الأعمال، بالإضافة إلى حب التفلت من التزامات التخطيط، مضيفا كما يظن البعض أن التخطيط يتطلب وقتا ثمينا من الأفضل قضائه في انجاز الأمور، فالإنسان لديه بالفطرة حب الإنجاز وحصاد الثمار أولا بأول، ولا يعلمون أن من لا يعتمد منهج التخطيط يقنع بأقل النتائج ومن يخطط لا يرضى إلا بأكبر قدر ممكن من النتائج".

للتخطيط مزايا متعددة لا يعيها إلا من التزم بمنهاج التخطيط يبينها لنا شويخ قائلا:"التخطيط يجمع بين الخبرة والمعرفة والمهارة، ويوفر الأدوات الملائمة، ويساعد في رسم الصورة المستقبلية بما في ذلك المخاطر والمشاكل، كما أنه يعين في معرفة فرص النجاح ومصادر الخطر. ويحفز على التفكير في المستقبل بلغة الحقائق والبراهين ويساعد على الوصول إلى محطات ناجحة في حياة الإنسان كما أنه يعين الشخص ليصبح كما أراد  لنفسه أن يكون، فالتخطيط عمل مرن يحث على التغيير بشكل مستمر، كما أنه يعطي الشخص انطباعاً عن الصورة المستقبلية، فهو طريقة عقلانية ومنتظمة لصنع القرارات وحل المشكلات .

ولمن يعتقد أن التخطيط مضيعة للوقت والجهد، دون فائدة مرجوة منه يقول شويخ:" التخطيط المنظم يحدد اتجاه الفرد، بحيث يحفزه على التفكير المستقبلي، و ينسق الجهد؛ فيعمل وسيلة ربط بين المجهودات والتطلعات، كما أنه يوفر المعايير؛ بحيث يحدد معايير وأدوات يمكنها قياس التقدم الذي تحرزه. ويوضح معالم الطريق الذي يرسمه الشخص لنفسه، بمعنى أنه يساعد على تحديد ما تريد فعله والوصول إليه.

و يجهز المرء، أي يجعله على أهبة الاستعداد للتعامل مع الظروف والمشكلات الطارئة، ويعطي صورة واضحة لكيفية التفاعل مع المهام، والأنشطة المختلفة، بالإضافة إلى أنه يحفز المرء، فيدفعه التخطيط إلى الأمام، ويقود خطاه إلى أعلى، ويرفع روحه المعنوية، ويحسن رؤيته وعلاقاته مع الآخرين".

وينوه شويخ إلى ما يُعرف بمرونة التخطيط والتي تتمثل في القدرة على التكيف مع الظروف غير المتوقعة وذلك إما بإجراء بعض التعديلات الطفيفة أو باستخدام خطط بديلة جاهزة للاستعمال على أن يتم هذا دون تكاليف كبيرة، والحاجة إلى المرونة في التخطيط تبررها طبيعة الظروف المحيطة، حيث قد تحدث ظروف مستجدة، لم تكن في الحسبان.

تعليقات