هل أنت قادرة على تغيير طباع زوجك؟



هل تواجهين صعوبة في تغيير بعض طباع زوجك أم أنك من أصحاب القناعة القائلة "زوجك وما تعود عليه".

تبدأ الحياة الزوجية بالكثير من التفاؤل والأمل، ومع مضي الأيام وتفاعل المواقف بين الزوجين يبدأ كل منهما في اكتشاف صفات الآخر، التي قد لا تعجبه أو تفاجئه فإما أن يتشنج وتبدأ التوترات والمشاكل أو أن يكون أكثر حكمة، فيفكر كيف سيغير هذا الحبيب ويجذبه إلى الخير وسمو الصفات ورفق الأخلاق ومكارمها ليحافظا على استقرار وسكينة عش الزوجية، فهل تستطيع الزوجة تغيير صفات زوجها السلبية؟ وهل يقبل الزوج هذا التغيير؟ وهل يكون التغيير في الجانب الإيجابي أم السلبي؟ وما العوامل التي تساهم في هذا التغيير؟ وكيف يستقبل هذا التغيير من الوسط المحيط؟ جميع تلك التساؤلات وغيرها تناقشها السعادة في هذا التحقيق.

هبة الصعيدي، ممرضة، تجزم أن لشخصية الزوج مفتاح، على الزوجة العثور عليه، وقد تصل إليه بسهولة بذكائها، وقد تقضي عمرها دون أن تعثر عليه، وهي تنظر إلى طباع الزوج على أنها صندوق مقفل، على المرأة أن تحسن استخدام الوسائل المعينة على فتحه.
وتصف هبة محبة المرأة لزوجها بأنها الدافع الذي يجعلها حريصة على الوصول إلى نتائج تخدم مصلحة العلاقة الزوجية: "فحين تصطدم المرأة بصفات لا تناسب طبيعتها، تحاول أن تقلل من حدة تأثير هذه الصفات".
"قد لا تستطيع الزوجة تغيير صفات زوجها بطريقة مباشرة، لأن الرجل عنيد بطبعه، حين يشعر بأية محاولة نسائية لتغيير طباعه فيتمسك بها أكثر، لهذا، فالصلابة في مواجهة طباع الزوج السلبية طريقة فاشلة تقدم عليها بعض النساء، كأن تهدد المرأة زوجها، ملحة عليه بضرورة تغيير طباعه، وإلا فسيكون لها تصرف آخر".
هذا ما أدركته (ن،ع) من خلال تجربتها مع زوجها، فهي تنصح النساء باللجوء إلى التحايل الذكي بوسائل غير مباشرة.
وتقول (ن.ع): "كان زوجي قليل الالتزام، يصلي ويقطع ولم يكن ملتزماً في المسجد، وعجزت في البداية في محاولة إقناعه، لكنني أقنعته من خلال الكلام وأشعرته أنني لم أعد أصلي كما كنت سابقاً، وأصبحت أمضي جزءاً كبيراً من وقتي في مشاهدة التلفاز، ولم أعد أقرأ وردي اليومي من القرآن، وأشعرته كم أنا قلقلة من نفسي على الأولاد، لأنني لا أريدهم أن يقتدوا بي وأنا على هذا الحال، وطلبت منه مساعدتي للعودة كما كنت، ولم يخذلني في ذلك، وأقنعته أنني أتجاوب معه تدريجياً وأصبح يصلي في المسجد ونقرأ ورد القران سوياً وانعكس سلوكه على سائر على حياتنا اليومية".
أما عن الطبيعة التي تريد (م.ع) مدرسة، تغييرها في زوجها فهي أعصابه الباردة جداً كما تخبرنا: "فهو بارد الأعصاب لدرجة مستفزة تجعلني أتقد ناراً، دائم البرود، لا يتفاعل مع أي موقف بردة فعل تلائمه، إنما يتصرف ببرود قاتل لا أستطيع تحمله الأمر الذي يجعلني دائمة التوتر، ولم أستطع تغييره بأي شكل من الأشكال، كل ما أستطيع فعله هو ترك المكان الذي يتواجد فيه".
ليس فقط برود الأعصاب الذي يهدد استقرار الأسرة، فالبخل المادي للزوج سمة وصفتها ( أ، ح) بالقاتلة والمدمرة،؛ لأنها كما تقول: "تنعكس على الزوج والزوجة والأبناء، وتهدد استقرار حياتهما بل وتنقلب إلى جحيم أحياناً. وتقول: "لم أصل إلى نتيجة أو حلول لتغيير تلك الصفة في زوجي، ولا أعرف كيف أتعامل معه وفقدت الأمل في مجرد الحلم بتغييره".


محاولات جادة

(م ، ح) لم تفلح محاولاتها في تغيير طباع زوجها التي نشأ عليها، وأصبحت جزء لا يتجزأ من شخصيته، فالعناد، والصلابة، والاعتداد بالرأي سمات لا تفارقه، والنقاش في أي موضوع يحتاج قراراً من أهم مسببات التوتر والمشاحنات التي تحدث في البيت، فتتجنب الخوض في النقاش في أي موضوع، لكن روحه المرحة أحياناً، وتلبيته لمتطلبات البيت، تطغى على سلبياته التي لم تجد لها حلاً، فعلى حد تعبيرها: "حياتنا مليئة بالكثير من المواقف والأحداث والضغوطات التي تحتاج إلى التنازلات لتسير عجلة الحياة".
أما الحب كما تعقب (م،ح): "فهو الطاقة التي تمتلكها لتصبر عليه، فمن دون الحب لا يمكن للزوجة التعايش مع رجل صعب الطباع، فهي ترى أن مشاعرها نحوه تسهل عليها تحمله، وتخفف من حدة الرفض الذي تولده طباعه السلبية، ما يجعلها على الأقل تقبل بالأمر الواقع من دون احتجاج يومي ينغص عليها حياتها".
ولم تكن ( إ، ص) كمثيلاتها، حيث لم تجد صعوبة كبيرة في تغيير طباع زوجها السلبية. ( إ، ص) تقول للسعادة: "الشيء الذي ساعدني على تغيير صفات زوجي هو استعداده لهذا التغيير، ومشاعر الحب التي يحملها في استقباله لأي تغيير، فلم أتعب كثيراً معه، بل على العكس كان متفاعلاً معي، كما كنت متفاعلة معه في تغيير سلوكياتي السلبية التي بينها هو لي، فقد كنت عصبية جداً لدرجة لا تطاق وكثيرة المشاجرة، وساعدني في التحول الإيجابي، فأصبحت أكثر هدوءاً، كما تغير هو عما كان سابقاً، فقد كان كثير الخروج دائم السهر، محدود المسئولية، لكنه تغير بعد جلسات حوار هادئة ومتكررة، ساعد على إنجاحها هدوؤه وتقبله، فأصبحت جلساتنا عائلية حميمة، وانتهت غيمة المشاحنات التي كانت تلبد بيتنا".
وفاء بعلوشة، مدرسة، تعقب بقولها: "تخطئ الزوجة التي تعتقد أنها تستطيع -بأسلوب الضغط والإلحاح- إعادة تشكيل الزوج وتغيير عاداته التي تراها سلبية في وقت قصير، فبالصبر والاحتمال ومقدار من الحب، وكذلك الحوار الهادئ ستحصل الزوجة على ما تريد".
أما فدوى أبو زنادة، مدرسة، فتقول: "أشك في قدرة المرأة عل تغير طباع زوجها، وأتساءل: كيف سيصبح البخيل كريماً؟ والرجل الجاف ذو المشاعر الباردة هل ستتحرك مشاعره؟ والرجل القاسي كيف سيصبح حنوناً؟ كيف ستتغير طباع الزوج التي نشأ عليها؟ وكيف يمكن للزوجة أن تنقح وتعدل وتصحح صفات أدخلها معه بيت الزوجية، في عمر يصعب فيه التغيير والتعديل؟".
أم محمد (42عاماً)، اعتادت على مزاج زوجها السيئ منذ بداية زواجها، فهو عبوس الوجه حياته تأخذ الطابع الجدي الذي انعكس على سائر حياتهم، ولم تستطع التعامل بطريقة تعدل سلوكه، إنما اتخذت من الصمت و تنفيذ القرارت سبيلاً للهروب من المواجهة التي لها ما بعدها -حسب ما تقول- من توترات تؤثر على استقرار حياتهما الأسرية، وعلى أبنائها، فترى أن الصمت هو الأجدى.

صبر وحكمة

وبقدر توافر المشكلات، ثمة حلول لا حصر لها، حاولت "السعادة" الحصول عليها من ذوي الاختصاص وتقديمها لقرائها، التقت د. أحمد دويكات رئيس نقابة الأخصائيين النفسيين في نابلس، الذي قال: "تجب معرفة أن طباع الإنسان هي جزء من شخصيته وتركيبته التي نشأ وتربى عليها، وهي عبارة عن مجموع الصفات الوراثية والصفات المكتسبة التي يكتسبها الإنسان على مدى نشأته، حيث تنقسم الشخصية إلى شقين: شق وراثي، وشق بيئي اجتماعي، فالشخصية تتكون نتيجة التعود والمحاولة والخطأ ووجود النموذج الذي يُحتذى به، وبالتالي يكون هناك أمور يمكن تغييرها، وهي العادات غير الأصيلة وأخرى لا يمكن تغييرها هي العادات الأصيلة التي هي جزء من الشخصية".
ويؤكد د. دويكات أن مهمة الزوجة تتمثل في التحلي بالصبر والحكمة؛ فهما السبيل إلى تغيير الزوج الذي لا يقبل عملية التغيير بسهولة، إلا إذا جاءت بالتقسيط والحب والتأني في انتظار النتائج.
ويقول: "لذكاء الزوجة دور كبير ورئيسي؛ فالعلاقة الزوجية تفاعل حرّ طويل الأمد قائم على التأثير والتأثر، وإذا كانت الزوجة مستاءة من عادات زوجها، فليس أمامها إلا اتباع مهاراتها وذكائها وحكمتها لتغيير طباعه، وستجد نتيجة مرضية، ولكن بالأسلوب المتحضر، والحوار الهادئ البسيط، والحب".
ويضيف: "كما على الزوجة البحث عن نقاط الاتفاق بينها وبينه، وتجاهل نقاط الاختلاف، ثم تحاول تغيير ما تستطيع من عاداتها السلبية التي يرفضها الزوج؛ حتى يشعر بالأمان والحب، ولعل ذلك يشكل حافزاً له لكي يغير من عاداته السيئة في نظرها".
ويرى دويكات أنه بالمحبة الصادقة التي تخرج من القلب تصل مباشرة إلى قلب الزوج، وبسعة الصدر التي تتجمل بالصبر والاحتمال، في إطار الحوار الهادئ الذي يراعى ما نشأ عليه الرجل من مفاهيم موروثة وعادات سلوكية، ستحصل الزوجة على ما تريد.
ويؤكد أن الحب هو الوقود الذي على الزوجة استخدامه لتسير سفينة الحياة الزوجية بدون الكثير من المعضلات، "فمحبة الزوجة لزوجها تساعدها على الاستمرار في المحاولة- وإن فشلت في عدة مرات- ويقينها بقدرتها على التغيير، يعزز لديها الدافع الذي يجعلها دائمة المحاولة، والضعف هو أبعد ما يجب أن تصل إليه الزوجة أو تفكر به، فالتفكير المتواصل بالطرق والوسائل التي تعينها على التغيير هي ما يجب التركيز عليه، بعيداً عن الوهن الذي قد يصيبها".
ويقول د. دويكات: "على الزوجة أن تفهم أن الزوج يتغير بسهولة لو شعر بحاجة الزوجة إلى ذلك، ولا يأتي ذلك بالصراخ والعناد وافتعال المشكلات، بل باللطف واللين والنعومة والرقة، فأسلوب الزوجة وطريقة حديثها ونبرة صوتها هي اللغة الوحيدة التي يفهمها الزوج ويسمعها، وإذا اعتمدتها في النقاش لتوضيح سلبياته ستنال ما تريده، لكن عليها الحذر من الاقتراب من النقاط التي يعتبرها حساسة وتبدأ معه بمداخل تناسب طبيعته".

معادلة ليس لها حلول

بينما يعرج د. خالد الكخن، عضو نقابة الأخصائيين الاجتماعيين، إلى بعض الطباع السلبية المتكررة في الرجال، وتحاول الزوجة إيجاد طرق لحلها، كنموذج الرجل العبوس، ويقول: "العبوس الدائم للزوج ليست معضلة كبيرة، فالإنسان هو عبارة عن مجموعة من التراكيب والمشاعر والأحاسيس، ويتأثر ويؤثر بالوسط المحيط به، والكلمة الطيبة، والاهتمام المباشر، والمعاملة الحسنة، والنظرة الدافئة الحانية التي توجهها الزوجة باتجاه زوجها تجعله، شخصية أخرى مختلفة تماماً عن سابقتها، واستخدام الزوجة لرقتها وطيبة قلبها وحسن معشرها يذيبان الحديد وليس البشر، و إذا وظفت الزوجة الأولاد، بحسن الكلمة والسؤال المتكرر عن والدهم والاهتمام به والاتصال المتكرر عليه أثناء العمل، و الدلال عليه بعد قيلولته بعد عناء العمل، تنفض عنه عناء وجهد اليوم ويصبح العبوس في خبر كان".
ويضيف: "على الزوجة أن تستخدم ذكاءها في محاولة حل مشاكلها، واستخدام أكثر من طريقة و توظيف جميع الوسائل التي تساهم في استقرار الحياة الزوجية التي تنعكس على الحياة الأسرية، ويجب عليها أن تتيقن أن أسلوبها و مزاجها في البيت وطريقة تصرفها، هو العامل الضابط لمزاج الزوج مهما كان صعباً ومتقلباً".
ويشير إلى عادة البخل التي تكررت على مسامعه من خلال شكاوى النساء عن طباع أزواجهم السلبية، ويقول: "البخل قد يكون عادة مكتسبة تزداد وتتأصل في الإنسان، وذلك يعود إلى طبيعة التنشئة التي نشأها الزوج في بيته، وقد تحتاج مهمة التغيير إلى بذل الجهد، لأن صاحب تلك الشخصية نشأ في بيئة أثرت عليه، إما من خلال النموذج الذي كان يراه ويراقبه، أو من خلال التعامل المادي الذي تلقاه من أحد أبويه في طفولته، الأمر الذي ينعكس على شخصيته".
وينصح د. الكخن الزوجة: "على الزوجة في تلك الحالة ضرورة الجلوس مع زوجها ومناقشته ومواجهة المشكلة بدلاً من الهروب منها، وعليها إظهار استعداها للتقنين والحفاظ على تعب الزوج، لكنها في ذات الوقت توضح له الاحتياجات التي لا يستطيع البيت الاستغناء عنها، وإظهار حرصها بأنها لا تهتم بالكماليات والقشور يساهم في علاج المشكلة، وترتيب ميزانية البيت، ووضع احتياجات الأبناء في قائمة الأولويات، عوامل مساهمة لها تأثيرها".
ويضيف: "قد يكون من الصعب القضاء على البخل مع بعض الأزواج، لكن من المعقول جداً تعديله والتأقلم معه وتغيير مظاهره، حتى لا يصبح مشكلة حياتية يومية تأخذ الزواج إلى طريق مسدود".
ويوضح د. الكخن: "يجب على الزوجين إدراك قضية مهمة، وهي: أن الحياة قبل الزواج ليست كما هي بعده، فلم تعد حياة الشخص ملكاً له فقط، بل هي ملك لاثنين وعليهما معاً أن يغيرا ما يجب تغييره، حتى يعيشا سلاماً عاطفياً، والحياة ليست معادلة رياضية ذات نتائج حتمية، فنحن نتغير حسب الظروف والمعطيات، إذا ما تفهم الزوجان تلك المعادلة نجحا في التوصل إلى حلول وسط مشتركة في الطباع والسلوكيات بعيداً قدر الإمكان عن التوترات".

تعليقات

إرسال تعليق